حياد سويسرا على المحك: زيارة وزير الخارجية إلى إسرائيل وفلسطين تثير جدلاً داخليًا ودوليًا

1000158932

أثارت زيارة وزير الخارجية السويسري، إينياتسيو كاسيس، إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة يومي 10 و11 يونيو، موجة واسعة من ردود الفعل داخل الأوساط السياسية والإنسانية في سويسرا، وسط استمرار الحرب في غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

في القدس، أجرى كاسيس محادثات مع وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، دعا خلالها إلى وقف فوري لإطلاق النار، وشدد على ضرورة ضمان وصول إنساني شامل وغير مشروط إلى قطاع غزة. كما أكد على مسؤولية إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، في احترام القانون الدولي الإنساني.

وفي رام الله، التقى كاسيس رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، حيث تم بحث آفاق إعادة إحياء العملية السياسية على أساس حل الدولتين، والعلاقات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.

انتقادات من داخل وزارة الخارجية السويسرية

الزيارة لم تمر دون جدل داخلي، إذ أعرب أكثر من 250 موظفًا في وزارة الخارجية السويسرية عن استيائهم من موقف الوزير، ووجّهوا رسالة داخلية وصفت تصريحات كاسيس بـ”المائلة أكثر نحو الرواية الإسرائيلية”، مطالبين بموقف أكثر توازنًا وحزمًا تجاه الانتهاكات الجارية في غزة.

ترحيب حذر من المجتمع الإنساني

في المقابل، رحبت منظمات إنسانية سويسرية ودولية بالاجتماع الذي عقده الوزير في القدس مع ممثلي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر. واعتبر ممثلو تلك الجهات اللقاء خطوة إيجابية لفهم التحديات الميدانية، خاصة ما يتعلق بعوائق إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم.

ورغم ذلك، عبّرت جهات إنسانية عن قلقها من ما وصفته بـ”هدوء مفرط” في موقف الوزير تجاه الحصار المفروض على غزة.

الإعلام يلمّح إلى تحوّل في الخطاب السويسري

تناولت وسائل إعلام سويسرية التحول الواضح في خطاب كاسيس، معتبرة أن تصريحاته تمثل بداية “تشديد اللهجة الرسمية” تجاه السياسات الإسرائيلية، بعد فترة طويلة من الحذر الدبلوماسي. وقد أشارت بعض التحليلات إلى أن سويسرا تعيد النظر في نهجها، خصوصًا في ظل تصاعد الكارثة الإنسانية بغزة والضغط الداخلي.

السلطة الفلسطينية ترحّب وتدعو لدور أكبر

في الجانب الفلسطيني، رحبت السلطة بالزيارة، حيث أعرب رئيس الوزراء محمد مصطفى عن تقديره للدور السويسري، داعيًا برن إلى تعزيز تحركاتها الدبلوماسية للمساهمة في استئناف مسار السلام، عبر دعم حل الدولتين واستئناف المفاوضات السياسية.

حياد سويسرا أمام اختبار صعب

ورغم سمعتها التاريخية كدولة محايدة ووسيط موثوق، تواجه سويسرا تحديات متزايدة في الحفاظ على هذا الدور في نزاع معقّد كالنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. الانتقادات الداخلية، وضغوط المجتمع الدولي، وتضاؤل تأثيرها الميداني مقارنة بأطراف إقليمية أخرى مثل مصر وقطر، كلها عوامل وضعت حيادها أمام اختبار حقيقي. كما أن محاولتها التوفيق بين التزاماتها الإنسانية وعلاقاتها مع جميع الأطراف تتعرض لضغط متزايد في ظل الاستقطاب العالمي المتصاعد.

تمهيد لمشاركة في مؤتمر نيويورك

وتأتي هذه الزيارة قبل أيام من مشاركة سويسرا في مؤتمر الأمم المتحدة لحل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، المزمع عقده في نيويورك بين 17 و20 يونيو الجاري. وتأمل برن في أن تساهم مشاركتها في إعادة إحياء الجهود الدبلوماسية من أجل سلام عادل ودائم يضمن الأمن والكرامة لجميع الشعوب المعنية.

Scroll to Top