بين التهديد والواقع… انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية يضع المنطقة على صفيح ساخن

Nawaf Naman

نواف نعمان – رئيس التحرير

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الإثنين، أن البرلمان يعمل على إعداد مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). وجاء هذا الإعلان على لسان المتحدث الرسمي باسم الوزارة، الذي شدد على أن الخطوة “لا تعني السعي إلى تصنيع سلاح نووي”، إلا أن مضمونها يحمل رسالة مقلقة تتجاوز الإطار الدبلوماسي المعتاد.

في الواقع، يصعب فصل هذا التطور عن السياق الإقليمي المتوتر: غارات إسرائيلية استهدفت منشآت نووية إيرانية، وعمليات اغتيال طالت علماء بارزين، وقرار من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتوجيه لوم رسمي لطهران، أعقبه رد إيراني بتوسيع أنشطة تخصيب اليورانيوم في موقع جديد. هذه ليست مجرد تحركات فنية ضمن برنامج نووي مدني، بل مؤشرات واضحة على تصعيد استراتيجي مقلق.

لماذا يُعد الانسحاب خطوة كارثية؟

معاهدة عدم الانتشار، التي انضمت إليها إيران عام 1970، تشكّل حجر الأساس في الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية. إن انسحاب طهران من المعاهدة لن يكون مجرد سابقة قانونية خطيرة، بل قد يؤدي إلى زعزعة النظام العالمي الخاص بمنع الانتشار النووي برمته.

كما أن هذه الخطوة قد تُشعل سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، إذ من المرجح أن تنظر دول مثل المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر إلى الأمر كتحلل من التزاماتها الدولية، ما يدفعها نحو تطوير برامج نووية خاصة بها. أما إسرائيل، التي تلتزم الغموض بشأن امتلاكها للسلاح النووي، فقد تجد في الخطوة الإيرانية مبررًا لتصعيد عملياتها العسكرية. والنتيجة: منطقة تقف على حافة الانفجار.

ما مصير الدبلوماسية؟

الاتفاق النووي لعام 2015 مثّل فرصة نادرة لضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات. لكن أي انسحاب إيراني من معاهدة عدم الانتشار سيعني عمليًا إسقاط آليات الرقابة الدولية، وإنهاء فرص استئناف المفاوضات.

ورغم تأكيد المسؤولين الإيرانيين أنهم لا يعتزمون تصنيع سلاح نووي، فإن خطوة الانسحاب ستُفسَّر دوليًا كتحرك باتجاه التسلح. وفي ظل غياب الشفافية، تصبح جميع الاحتمالات واردة.

من هنا، فإن المجتمع الدولي مطالب برد حازم، يشمل عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، وتحركًا سريعًا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإرسال رسالة واضحة: الالتزام بالمعاهدة هو السبيل الوحيد نحو الاستقرار، وأي محاولة للانسحاب ستُواجَه بعقوبات مشددة وعزلة دولية.

 كلمة أخيرةإذا مضت إيران قدمًا في هذا القرار، فلن يكون مجرد إجراء قانوني، بل بداية مسار خطير نحو فوضى نووية تهدد أمن المنطقة والعالم بأسره. ما زال هناك وقت لتدارك الموقف، ولكن النافذة تضيق بسرعة. وإذا كانت إيران تريد أن تُعامل كدولة مسؤولة، فعليها أن تلتزم بالمعايير الدولية لا أن تتنصل منها.

Scroll to Top