كل ما تحتاج لمعرفته عن الساحل السوري

منذ ليلة الخميس 6 مارس/آذار، شهدت سوريا تطورات متسارعة، حيث تعرضت قوات الأمن التابعة للجيش السوري الجديد لسلسلة من الهجمات المنسقة والكمائن المتفرقة من قبل ما يُعرف بـ “فلول نظام الأسد”. واستهدفت هذه الهجمات عشرات المواقع في منطقة الساحل السوري، بما في ذلك ريف اللاذقية، ريف طرطوس، وقرى جبلة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى وتصاعد حدة التوتر في المنطقة.

يُعد الساحل السوري من أهم المناطق الجغرافية والاستراتيجية في البلاد، إذ يمتد على طول 180 كيلومتراً بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط، ما يجعله شرياناً حيوياً يربط سوريا بالعالم الخارجي. ويمتلك الساحل أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة، نظراً لاحتوائه على موانئ رئيسية مثل اللاذقية وطرطوس، اللتين لعبتا دوراً محورياً في التجارة الإقليمية والدولية. كما كان الساحل السوري قاعدة نفوذ تقليدية لنظام الأسد، ومركزاً لوجود قوى إقليمية ودولية داعمة له، مثل روسيا وإيران، ما جعله ساحة للتنافس الجيوسياسي.

على الصعيد الديموغرافي، يتميز الساحل السوري بتنوع سكاني يشمل العلويين، السنة، والمسيحيين، ما ساهم في تشكيل نسيج اجتماعي واقتصادي متداخل. ورغم أن المنطقة تجنبت الدمار الواسع الذي شهدته مناطق أخرى خلال الحرب، إلا أنها لم تكن بمنأى عن التأثيرات الاقتصادية والسياسية، إذ تأثرت بشكل عميق بسبب تدفق النازحين، التدخلات العسكرية، والعقوبات الاقتصادية.

في هذا التقرير، سنسلط الضوء على الساحل السوري من مختلف الجوانب، بدءاً من موقعه الجغرافي وأهميته الاستراتيجية، مروراً بدوره السياسي، وصولاً إلى التحولات الاقتصادية والديموغرافية التي شهدها.

التركيبة السكانية

تأتي محافظتا الساحل (اللاذقية وطرطوس) في المرتبة الثانية بعد محافظة دمشق من حيث الكثافة السكانية، ويعود ذلك لأسباب عدة، أهمها توفر فرص العمل في قطاعات متعددة تشمل الزراعة، الصيد البحري، التجارة، الخدمات، والسياحة.

وبلغ عدد سكان الساحل عام 2010 حوالي 1.8 مليون نسمة، بنسبة تقارب 9% من المجموع الكلي لسكان سوريا، بحسب أرقام المكتب المركزي السوري للإحصاء. ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، استقبل إقليم الساحل نزوحاً كثيفاً من السكان الذين هُجّروا من مناطق القتال.

وأعلنت لجنة الصليب الأحمر الدولية في عام 2014 أن أكثر من مليون شخص نزحوا إلى اللاذقية وطرطوس منذ بداية الصراع، وهو ما أدى إلى تضخم عدد السكان المحليين بنسبة 50%.

ويضم الساحل السوري مزيجاً سكانياً متنوعاً، فالغالبية من العرب العلويين الذين تتركز قراهم في جبال اللاذقية وطرطوس، مع وجود ملموس للسنة في مدنه الساحلية (خصوصاً في مدينة اللاذقية وجزء من طرطوس)، ووجود للمسيحيين (خاصة من الروم الأرثوذكس والكاثوليك) في بعض بلداته. وتشير التقديرات ما قبل الحرب إلى أن محافظة طرطوس ذات أغلبية علوية (نحو 80% من سكان مدينة طرطوس نفسها علويون)، أما محافظة اللاذقية فأكثر تنوعاً، إذ يشكّل العلويون حوالي نصف سكانها تقريباً، والباقي سنة ومسيحيون.

Scroll to Top