يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الستّين من 8 سبتمبر إلى 8 أكتوبر 2025 في قصر الأمم بجنيف. وتُعدّ هذه الدورة من بين الأهمّ في السنوات الأخيرة، إذ تأتي في وقت تتصاعد فيه الأزمات العالميّة وتخضع فيه آليّات حقوق الإنسان الدولية لمزيد من التدقيق.
وخلال خمسة أسابيع، سيعقد المجلس 37 حوارًا تفاعليًّا مع المفوض السامي والمقرّرين الخاصّين وآليّات الخبراء وهيئات التحقيق. ومن بين أبرز القضايا التي ستحظى بالمتابعة الوضع في ميانمار وسريلانكا وأفغانستان والسودان وأوكرانيا وهايتي وبيلاروسيا وفنزويلا ونيكاراغوا والاتحاد الروسي والجمهورية العربية السورية. كما سيُنظّم حوار تفاعليّ موسّع مع المفوض السامي والآليّة الدولية المستقلّة للنهوض بالعدالة العرقية والمساواة في إنفاذ القانون، وهو ما يعكس تركيز المجلس المتزايد على مسألة العنصرية البنيوية والمساءلة في أجهزة إنفاذ القانون.
وسينخرط المندوبون أيضًا في خمس جلسات حوار رفيعة المستوى تتناول قضايا عالمية ملحّة، وتشمل: التدابير القسرية الانفرادية وتأثيرها على حقوق الإنسان، التمييز والعنف ضد الأشخاص ثنائيّي الجنس؛ الشباب وحقوق الإنسان؛ حقوق الشعوب الأصلية؛ وإدماج المنظور الجندري في عمل المجلس وآليّاته. كما ستنظر الدورة في التقرير التجميعي للأمين العام حول حقوق الإنسان وتغيّر المناخ، وكذلك تقريره السنوي بشأن أعمال الانتقام ضد المتعاونين مع الأمم المتّحدة.
سوريا: انتهاكات مستمرّة وتداعيات الاحتلال
يشكّل الملفّ السوري أحد أبرز محاور أعمال الدورة الستّين، حيث سيستمع المجلس إلى تحديثات لجنة التحقيق الدولية المستقلّة بشأن الجمهورية العربية السورية حول أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. كما سيُعرض تقرير عن الجولان السوري المحتلّ، في سياق تقارير المفوض السامي بشأن الأراضي الخاضعة للاحتلال. وتأتي هذه المناقشات في وقتٍ تشهد فيه سوريا أوضاعًا إنسانية وأمنية متدهورة، مع استمرار التحدّيات المرتبطة بالمساءلة والعدالة الانتقالية.
فلسطين والأراضي العربية المحتلّة: بند دائم على جدول الأعمال
يبقى الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية، والأراضي العربية الأخرى بندًا ثابتًا على جدول أعمال المجلس. وستُعرض تقارير المفوض السامي حول تداعيات الاستيطان الإسرائيلي، بما في ذلك تنفيذ القرار 31/36 المتعلّق بالشركات العاملة في المستوطنات. كما سيخصّص المجلس البند السابع لمناقشة شاملة حول حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلّة الأخرى، حيث يتوقّع أن تتصدّر الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيّين الفلسطينيّين جدول النقاشات.
أهميّة البُعد العربي في الدورة
تُظهر هذه البنود أنّ القضايا العربية، ولا سيّما سوريا وفلسطين، ما زالت تحتلّ مكانة محورية في أعمال مجلس حقوق الإنسان. فبين الانتهاكات الجسيمة في سوريا واستمرار الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والجولان، يجد المجلس نفسه أمام مسؤولية متجدّدة لبحث سبل تعزيز المساءلة وحماية المدنيين في هذه المناطق التي تبقى في صلب الاهتمام الدولي.
وقبيل اختتام أعماله، من المنتظر أن يقوم المجلس بانتخاب سبعة أعضاء جدد في لجنته الاستشارية، وتعيين خبير مستقلّ معنيّ بحالة حقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى إذا ما تقرّر تمديد الولاية. كما سيعتمد نتائج الاستعراض الدوري الشامل لـ 15 دولة، من بينها الكويت وتركيا والسويد وإسبانيا وكينيا.
يُذكر أن مجلس حقوق الإنسان أنشأته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، وهو يضمّ 47 دولة عضواً، ويُعنى بتعزيز وحماية حقوق الإنسان عالميًّا، والنظر في الانتهاكات، وتقديم التوصيات للمجتمع الدولي.
ومع انطلاق دورته الستّين، تؤكّد جنيف مجددًا مكانتها كـعاصمة عالمية للتعدّدية، حيث تتقاطع الأزمات الحقوقية العاجلة والقيم الإنسانية الكونية.