سويسرا تتصدّر المشهد التكنولوجي العالمي مع إطلاق “معهد جنيف لحوكمة الذكاء الاصطناعي”

002
سويسرا تتصدّر المشهد التكنولوجي العالمي مع إطلاق “معهد جنيف لحوكمة الذكاء الاصطناعي”

جنيف، عاصمة الدبلوماسية والحوار، تضيف اليوم إلى رصيدها دورًا جديدًا يجعلها في صدارة المشهد التكنولوجي العالمي. فقد شهدت المدينة السويسرية إطلاق معهد جنيف لحوكمة الذكاء الاصطناعي (GAIGI)، الذي تمّ تأسيسه كـمؤسسة قانونية سويسرية، بمبادرة من الباحث ورائد الأعمال أكسل مازولو.

تهدف المؤسسة إلى بناء قاعدة عالمية من الثقة والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر وضع آليات للحوكمة المفتوحة واعتماد معايير مشتركة. ويُراد من هذه المبادرة أن تحتلّ جنيف موقعًا محوريًا في رسم قواعد الذكاء الاصطناعي عالميًا، على غرار دورها التاريخي في القضايا الإنسانية والتجارية والمالية.

رؤية عمليّة تتجاوز المبادئ

لا يكتفي المشروع الجديد بإعلان المبادئ، بل يقترح آليّة تشغيلية قائمة على شهادات عليا مستقلّة، تتولّى التحقّق من الأمان والمتانة والالتزام الأخلاقي لأنظمة الذكاء الاصطناعي. ويُتوقّع أن تسهم هذه الآليّة في تحقيق اعتراف متبادل بين الأنظمة القانونية المختلفة، بما يحدّ من ازدواجية الإجراءات ويجعل التقييمات قابلة للمقارنة عالميًا، وهو ما يمنح الشركات وضوحًا أكبر ويعزّز جاذبيّتها للمستثمرين.

وفي هذا السياق، يؤكد مازولو أنّ الهدف هو “منح الابتكار إطارًا عالميًا يُرسّخ الثقة دون أن يعيقه.”

الحياد السويسري أرضيّة طبيعيّة

تستند هذه المبادرة إلى تقاليد سويسرا في الحياد والوساطة. فجنيف تحتضن مراكز أبحاث رائدة وتُعرف بمعاييرها الصارمة المعترف بها عالميًا، ما يجعلها مكانًا مثاليًا لإطلاق مثل هذه المبادرة. ويرى مازولو أنّ الوقت قد حان لتسخير هذا الإرث السويسري في خدمة قضية كبرى جديدة: الذكاء الاصطناعي الموثوق والموجَّه نحو خدمة الإنسان.

شراكات دوليّة واسعة

البُعد الدولي للمؤسسة يتجلّى بوضوح. إذ يثمّن المعهد تجربة المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، التي جعلت من الذكاء الاصطناعي محورًا رئيسيًا عبر استثمارات في البنية التحتية والشراكات الأكاديمية. وفي أوروبا والولايات المتحدة، بدأت أطر تنظيمية في الظهور في سوق الذكاء الاصطناعي مثل قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي (AI Act) ومعايير NIST الأمريكية. ويطمح معهد جنيف إلى أن يكون جسرًا يربط هذه المرجعيّات بدلًا من تراكمها.

أمّا الصين، فتمثّل شريكًا طبيعيًا آخر، إذ تعمل منذ سنوات على صياغة معايير أخلاقية وآليّات للحوكمة تركّز على الشفافية والأمن والابتكار المسؤول. وتلتقي مبادئها الوطنية مع القيم التي يتبنّاها معهد جنيف مثل الشفافيّة، التتبّع، التناسب، الشموليّة، والاستدامة.

فضاء مفتوح وأداة للتنمية

تقدّم المؤسسة نفسها كمنصّة مفتوحة لا تقتصر على الحكومات والهيئات التنظيمية، بل تشمل الشركات والجامعات والباحثين ومنظّمات المجتمع المدني. ويؤكد مازولو أنّ “القوّة الحقيقيّة تكمن في بناء مجتمع دولي واسع قادر على مرافقة الابتكار وتعزيز الثقة.” ومن خلال هذه المؤسّسة، تضع جنيف نفسها في موقع القيادة ضمن مسار بناء حوكمة عالمية للذكاء الاصطناعي كأداة في خدمة التنمية المستدامة والتطوّر البشري،ومن أجل تعزيز التوازن ما بين التنافسية الاقتصادية والمصلحة الإنسانية.

Scroll to Top