تشدّد أمريكي متزايد في نزع سلاح حزب الله ولبنان على مفترق طرق بين الإنفراج أو الإنفجار

0010
تشدّد أمريكي متزايد في نزع سلاح حزب الله ولبنان على مفترق طرق بين الإنفراج أو الإنفجار

مع إعادة خلط الأوراق السياسية والأمنية في بيروت عقب تصريحات الموفد الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا توم براك وتصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية، عاد لبنان إلى مفترق الطرق الخطير بين الإنفراج والإنفجار. ففي المضمون، حملت هذه التصريحات انتقادات حادّة للحكومة اللبنانية لجهة عدم “فعل أي شيء” في ما يتعلّق بنزع سلاح حزب الله، وفي التوقيت، أعقبت هذه التصريحات زيارة نائبته مورغان أورتاغوس إلى لبنان واجتماعها بلجنة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف إطلاق النار، كما أتت عشيّة الجمعية العامة للأمم المتّحدة التي ألقى خلالها الرئيس اللبناني جوزاف عون كلمة أكّدت التزام بلاده بتطبيق القرار 1701 كاملاً، وقبل أيام قليلة من صدور التقرير الشهري الأول للجيش اللبناني حول خطّته لتطبيق حصرية السلاح.

تشدّد الموقف الأمريكي

بعد تصريحاته السابقة حول خطر “عودة لبنان إلى بلاد الشام” والتي أشعلت اعتراضات واسعة، عاد برّاك ليضرب من جديد ويعلن صراحةً حقيقة الموقف الأمريكي الرافض لقرار الحكومة اللبنانية في 5 سبتمبر كونه لم يحمل مهلة زمنية محدّدة لتنفيذ عملية نزع سلاح حزب الله. هذا الموقف كان جليًّا في تصريحات برّاك التي حذّرت أيضًا من أنّ هذه المماطلة سمحت لحزب الله ب “إعادة بناء قوّته” وبالحصول “من مكان ما” على تمويل بقيمة 60 مليون دولار شهريًّا. كما أكّد برّاك بأنّ إسرائيل “لن تنسحب من التلال الخمس”، في ردّ إستباقي على مطالبة الرئيس اللبناني جوزاف عون من على منبر الأمم المتحدة ب”وقف الإعتداءات الإسرائيلية فورًا وانسحاب الإحتلال من كامل أرضنا.”

وفي ما يشكّل تناقضًا مع المواقف الأمريكية السابقة ومع المواقف الأوروبية وآخر مظاهرها إعلان الإتحاد الأوروبي في 23 يوليو 2025 عن مشروع دعم بقيمة 12,5 مليون يورو لدعم الجيش اللبناني، أشار برّاك إلى أنّ بلاده لن تسلّح الجيش اللبناني “ليقاتل إسرائيل” ولا ترغب بتسليحه “ليقاتل شعبه أي حزب الله”، وأضاف: “لكن الحزب يشكل عدوًّا لنا، تمامًا كما إيران، ويجب وقف تمويلها. وهذه هي الطريقة الوحيدة لوقف حزب الله”، في إشارة واضحة إلى أنّ قطع التمويل الإيراني لحزب الله هو الطريق الوحيد لنزع سلاحه. وهذا الموقف يشكل تناقضًا مع موقف لأورتاغوس في زيارتها الأخيرة إلى بيروت، الذي أكّدت فيه على “الاهتمام الأمريكي الواسع بدعم مطلق للجيش اللبناني وتنفيذه خطة حصر السلاح بيد الدولة”، مقابل طلب الجانب اللبناني مساعدة تقنية لتنفيذ الخطّة بدءًا من المرحلة الأولى. هذه الإيجابية من قبل أورتاغوس رفعت حينذاك من نسبة التفاؤل بالتوصل إلى حلّ، وصولاً إلى التأسيس لشراكة أمنية أمريكية – لبنانية تحدّث عنها السناتور الأمريكي ليندسي غراهام من بيروت أواخر أغسطس الماضي وتابعها في الكونغرس.

موانع تنفيذ الخطّة

في الخامس من سبتمبر، قدمت القوات المسلحة اللبنانية إلى الحكومة خطّة نزع سلاح حزب الله على أربع مراحل، وكانت الحكومة اللبنانية قد كلّفت الجيش في أغسطس الماضي، بوضع خطّة للسيطرة على جميع الأسلحة بحلول نهاية العام. ومع ذلك، يلتزم الجيش فقط بإنجاز نزع السلاح في منطقة جنوب الليطاني قبل نهاية العام، فيما يبقى التقدم في المراحل الأخرى معلّقًا، ومعتمدًا على تطوّرات الوضع السياسي والأمني. وبدلاً من تحديد جدول زمني دقيق، طُلب من الجيش تقديم تقارير شهريّة حول تقدّمه.

وفقًا لمصادر حكومية لبنانية، كان الهدف من إبقاء الخطة غامضة هو تجنّب التصادم مع حزب الله وحليفه السياسي حركة أمل، بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي أصرّ على أنّ الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية يجب أن يعتمد على تنازلات من إسرائيل، مثل الإنسحاب من النقاط الخمس ووقف الغارات الجوية، وتسليم الأسرى.

“وهم” السلام وحقيقة المواجهة

ولعلّ أخطر ما جاء على لسان برّاك هو أنّ “السلام في الشرق الأوسط وهم”، وأنّ إسرائيل قد تهاجم حزب الله مرة جديدة.

هذه المواقف أثارت مخاوف جدّيّة من تجدّد الحرب على لبنان، ليس لجهة الضربات الإسرائيلية فحسب، بل لجهة مواجهات داخلية في بلد يعاني منذ سنوات على جميع الصعد الإقتصادية والمالية والأمنية والإجتماعية. كما أعادت هذه التصريحات إلى الأذهان تسريبات نُشرت في 20 أغسطس الماضي حول عملية “مطرقة الله”، وهي خطّة أمريكية- إسرائيلية لنزع سلاح حزب الله بالقوة.

هذه الخطّة أشارت إليها وثائق سرّية نشرها مدير عام “المركز الدولي للتحليل والتنبّؤ السياسي” الروسي دنيس كوركودينوف وصادق عليها البنتاغون في يوليو الماضي حسبما جاء في الوثائق. وهي تتحدّث عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق بين نوفمبر 2025 ويناير 2026 ستطال  1200 هدف في لبنان، وإقامة منطقة أمنية إسرائيلية عازلة ب40 كلم جنوب لبنان ونشر 40 ألف جندي إسرائيلي. فهل سيكون نزع السلاح فعلاً بالقوّة العسكرية أم أنّ المساعي الدبلوماسية ما زالت قادرة على تجنيب لبنان والمنطقة هذا الكأس المر؟

Scroll to Top